Posts Tagged ‘تمييز عنصري’

يتفق الجميع على أن ليبيا تعتبر من أشد المجتمعات عنصرية ، ويمكنك أن تسأل أي فتاة زوارية أو فتاة أمازيغية عن ذلك ، أو يمكنك ـ إن إستطعت ـ أن تفسر لشاب ” حمري ” في الجنوب لماذا لا يستطيع أن يتزوج فتاة ” حرة ” ، أو لماذا لا يستطيع ” تارقي : من الطوارق ” أن يقود سيارة عامة بغدامسيات ، أو لماذا القبيلة الفلانية لا تتعامل نهائياً مع القبيلة الفلانية ، أو لماذا يحقر سكان تلك المنطقة من قبل منطقة أخرى ..

بدون أن تسأل ، يمكنك أن ترى كيف نعامل المصريين وماذا نقول عنهم ، وكيف نزدري الأفريقيين ، وكيف نحقرهم ، وكيف نتوجس من كل تونسي وجزائري ، وكيف ننظر للمرأة والفتاة المغربية ، .. وكيف .. وكيف .. وكيف ..

لكن سؤالي ليس هنا ، فنحن نعرف كل هذا ، ومتفقون عليه ، ولكن سؤالي هذه المرة هو ..

هل يتعرض الليبيون ذو البشرة السوداء إلى التمييز العنصري من قبل أصحاب الألوان الأخرى في ليبيا ..

لنرى ..

الطفولة والشباب : لقب ” عبيد ” هو الإسم الغير رسمي لهم ..

الممثل مالكولم كيلي في دور " والت ".

” تعال يا عبيد .. كيف حالك يا عبيد .. منور يا عبيد ” .. أعتقد أننا نعلم هذه الحقيقة ، كل شخص ليبي ذو بشرة سوداء سيتم دعوته من قبل أصدقائه أيام الطفولة والشباب بهذه الكلمة ، أحياناً تتخذ شكل مزاح ، أحياناً تتخذ شكلاً حميمياً ، وأحياناً تتخذ شكلاً عدائياً وبدافع الشتيمة ، هذه الكلمة مشتقة من العبد والعبودية ، وإرتباطها تاريخياً بلون العبد الأسود ، في بعض الدول المتحضرة أصبحت كلمة ” عبد أو nigro ” كلمة يعاقب عليها القانون .

في عالم الفتيات يبدو الأمر أقل حدة ، وإن كان واضحاً أيضاً ..

لاحظ حينما تتحدث أي فتاة مع فتاة أخرى عن فتاة سوداء ، فماذا تقول لها ، ستخفض صوتها ، وتشير بسبابتها وإبهامها إلى ذقنها ووجهها وتقول بصوت خافت : ” عرفتيها هاذيكا البنت السمرااااااااء ” .

في الزواج : عذراً ممنوع إستخدام الألوان السوداء .

أوبرا وينفري .

حاول أن تحضر أي عرس لرجل أسود تزوج إمرأة بيضاء ، أو رجل أبيض تزوج إمرأة سوداء ، وتمتع بكمية التعليقات والإستهجانات التي ستنهال من قبل الجميع ، الحقيقة إن مثل هذه الزيجات نادرة بالفعل ، فالليبي ذو البشرة السوداء حكم عليه أن يتزوج الليبية ذات البشرة السوداء ، أما الألوان الأخرى ، سواء أكانت بيضاء أو حمراء أو قمحية أو حتى أرجوانية ، فيمكنها أن تتزوج من بعضها بدون مشاكل تذكر .

ولو نظرنا للموضوع بزاوية أخرى نجد أن المرأة البيضاء لها إحتمالية أن تتزوج من جميع الألوان الرجالية حتى السوداء منها في بعض الحالات النادرة ، ولكن المرأة السوداء فإحتمالية أن تتزوج رجل ليس أسود البشرة هو إحتمال ضئيل جداً ..

في الشارع : هل أنت ليبي بالفعل ..؟؟

 

الرئيس الأمريكي باراك أوباما

ربما من أقسى الأحداث التي بينت لليبي ذو البشرة السوداء التعامل المختلف للمجتمع معه ، هي أحداث العنف التي أندلعت منذ سنوات مضت ضد الأفريقيين في ليبيا ، حيث أصبح الليبيون بسبب مشكلة ما مع الأفارقة المهاجرين يقومون بالضرب والإعتداء على كل شخص ذو بشرة سوداء ، بما في ذلك الليبيين السود الذي كانوا يعتدون عليهم عن طريق الخطأ ، فما كان من هذا المواطن المسكين إلا أن يصرخ ” أنا ليبي أنا ليبي ” ، فلاحظ كل السخف والمهانة التي تعرض لها الليبيون السود في تلك الفترة .

لكن عدا ذلك ما زال الليبيون السود في كل وقت ، وفي كل شارع يوجهون لهم الأسئلة ، سواء بالنظرات ، أو الألسن ، هل أنت ليبي ؟؟ هل أنت ليبي ؟؟ ، وعلى كل صاحب بشرة سوداء أن يثبت دائماً وفي كل الأوقات أنه ليبي بالتحدث باللهجة الليبية حتى لا يختلط الأمر على الجميع ، ويعتقدون أنه من الأفارقة المهاجرين .

في العمل : زكار أو نظافة أو زمزامة ..

 

المغنية الأمريكية " بيونيسه " .

ربما أكثر صعوبة يواجهها الليبيون السود في حياتهم هو تنميطهم من قبل بقية أفراد المجتمع الليبي ، فالليبي الأسود في العقلية الليبية الأخرى لها صفات وشخصية من الصعب تخطيها أو تجاوزها ، وحتى مع وجود ليبيين ذو بشرة سوداء ، دكاترة ومهندسين ومحامين وأصحاب مراكز إدارية مهمة ، إلا أن العقلية الليبية ما زالت لا تتخيل أصحاب البشرة السوداء إلى في وضع إجتماعي معين ، وبوظائف معينة وضيعة ، فالشاب أو الرجل الليبي الأسود لابد أن يكون له سجل إجرامي ما ، ولابد أن يكون زكار أو فنان على الأقل ، وأن يشرب الكحول بإفراط ، أما المرأة السوداء فعادة لابد أن يكون مصيرها السمنة ، وأن تشتغل إما كعاملة نظافة في الأماكن العامة ، أو زمزامة في فرقة من فرق الزمزامات .

المثير للضحك والسخرية ، هو أن حتى الهوس بتقييد المرأة ، ومنعها من الإختلاط ، والخوف عليها بدافع الغيرة من المجتمع ، لا يكون بذات الشدة بالنسبة للفتاة ذات البشرة السوداء ، فالفتاة ذات البشرة السوداء أكثر حرية في الخروج والتصرف وتقابل بأقل عدائية وإستهجان من الفتيات ذوات البشرات الأخرى اللاتي يفرض عليهم المجتمع ضغط أكبر ، وكأن الفتاة ذات البشرة السوداء حرمت حتى من معاملة المجتمع لها بنرجسية وتعصب شديد ، وهي رسالة بالغة القسوة كأنها تقول بأنك أيتها الفتاة السوداء ” لست أنثى كاملة ” ..!

لكن السؤال ما زال قائماً حتى الآن ، هل يتعرض الليبيون السود إلى التمييز العنصري ؟ ، أريد أن أعرف رأيكم بالخصوص ، وهل هناك حالات تمييز في ليبيا لم أذكرها أنا ، ويمكنكم ذكرها ! ، شاركوني بتعليقاتكم وتفاعلكم ..