كثر اللغط في المدة الماضية حول الدستور الليبي ، وأهم هذا اللغط كان هو مصدر التشريع ، وكان سبب هذا اللغط هو أن بيان منسوب لهيئة كبار العلماء في ليبيا قد أعترض على فقرة -والشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع – ، وطالبوا بأن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع ، ( هنا تجد البيان ) وطالبوا بأن تكون هذه الفقرة غير قابلة للتعديل ، وللأبد ، ورغم أن الشعب الليبي شعب مسلم بالكامل ، وإسلامه معتدل ، إلا أن بعض التيارات تصر على أن ( الشعب الليبي ) هو شعب قاصر لا يفهم إسلامه بشكل صحيح ، ولابد من تقويمه ، وهي بذلك تحاول تمرير ديكتاتورية جديدة ( سلاحها هذه المرة الدين ) لكي تحكم من خلاله ، وتصبح قبضة الدولة في قلة متسترة بالدين ، بل وتصبح أي معارضة للدولة ( كفر ) تخرج على أثره من الملة ، وقد وضحت المدونة ( هناء قاباج ) هذا في تدوينتها ( دستور تفصيل وديمقراطية الثيوقراط ) ، ولكن نظراً لدسامة تدوينة هناء سأحاول أن أبسط الموضوع من خلال هذه التدوينة ..
أوكي ، ماذا نريد نحن الليبيون بكل بساطة ، نريد دولة مدنية مسلمة إسلامها وسطي محترمة ومتقدمة ، ويتوافر فيها سبل الرفاهية والنظام والعيش الرغد ، أعتقد أن هذا هو أقصى أمانينا ، و( ما فيش أحسن من هكي ) مثلما يقال ، تمام …. ما رأيكم في النموذج الإماراتي ..؟ ، أعتقد أن الإمارات من أكثر الدول التي يتطلع إليها الليبيين ، ويريدون أن تكون ليبيا مثل دولة الإمارات في الرفاهية وإحترام الإنسان والنظام وما إلى ذلك .. جميل جداً .. لنلقي نظرة على الدستور الإماراتي ::
تمام .. يعني الإمارات مثل دستورنا بالضبط ، فهل تحولت الإمارات إلى دولة علمانية ، هل فرطت الإمارات في عاداتها وتقاليدها ، بالعكس الشعب الإماراتي من أكثر شعوب العالم حفاظاً على تقاليده ، وطيبته ، وكرمه ، ويعتبر قدوة لكل العرب ، وأفضل ما فعلته هو وقوفها في جانبنا ، في محنتنا ، ومناصرة للشعب الليبي ..
طبعاً لا داعي لأن أحدثكم على إنبهاري وأنا أزور الموقع الخاص بمجلس وزراء دولة الإمارات ، موقع رائع ، ودولة بالفعل لها نظرة وهدف ، وهو أن تصبح من أكثر الدول المتقدمة على مستوى العالم .. هل لاحظتم أيقونة ( ملامح أستراتيجية حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة ) على اليسار—-> يمكنكم مطالعة هذه الإستراتيجية الرائعة على هذه الوصلة ( هنا ) .. وهل رأيتم أيقونة ( رؤية الإمارات 2021 ) .. أتمنى أن تكون لليبيا رؤية كذلك للمستقبل ، رؤيا توحدنا جميعاً ولا تنفرق بسبب خلافات تافهة .. لمطالعة رؤية الإمارات 2021 يمكنك الضغط على هذه الوصلة (هنا ) .
باه .. كويس .. لقد ألقينا في السطور الماضية نظرة على دولة عربية مسلمة تحترم عاداتها وتقاليدها كتبت في دستورها ( الشريعة الإسلامية مصدر رئيس للتشريع ) ، لنلقي الآن نظرة على دول يكون مصدر التشريع الوحيد فيه هو الشريعة الإسلامية ، ونرى ، هل الخلل حقاً والمشكلة في الدستور ، وفي هذه الفقرة ، أم الخلل في البشر ، وهل لو غيرنا هذه الفقرة البسيطة سنصبح من أفضل دول العالم ، ومثال يحتدى به للإسلام ، أم أن الحال سيكون كما هو عليه ، إن لم يكن أسوأ ..
الحقيقة أن أشهر دولتين تبنتى هذا التشريع إن لم تكن الوحيدات هم ( السعودية ، وإيران ) .. لننحي إيران الآن جانباً ولنلقي نظرة على السعودية ..
جميل جداً .. لنلقي نظرة هنا …
أعتقد أن الامور واضحة هنا ، وما نبهنا عليه من إستغلال للدين من أجل الحكم التعسفي موجود في المادة 6 ، 7 من الدستور السعودي ، فالحكم يستمد سلطته من كتاب الله وسنته ، وأنت كمواطن عادي لن تستطيع الإعتراض ، لأنه لو أعترضت ، فستعترض على القرآن والسنة ..!! ولكن لنفترض أن كل شيء مكتوب بحسن نية ، ولنلقي نظرة على الأوضاع في المجتمع السعودي ، فماذا سنجد ..
* مشاكل أسرية كثيرة ، وضياع أسري ..
* إنتشار البطالة .. وإنتشار الفساد بين الشباب ..
* منع المرأة من القيادة والخروج وممارسة دورها الطبيعي في المجتمع .
* إستغلال الصلاحيات الإدارية ، وحتى الدينية ، وتهميش حرية الصحافة والتعبير ..
أوكي .. ربما أحدهم يقول لي ، لا يوجد مجتمع لا توجد فيه هذه الظواهر ، وما إلى ذلك ، والإنسان يخطئ ويصيب ، وكل هذه الأمور ، أوك .. ما رأيكم لو نقوم بمقارنة بسيطة بين السعودية والإمارات ، ولنرى أيهما متفوقة على الاخرى ، وأيهما تعتبر النموذج بالنسبة للأخرى ..
* في مؤشر الفساد العالمي ، والدول الأقل فساداً في العالم ( الإمارات تحتل الترتيب 35 عالميا ) ، ( السعودية تحتل الترتيب 80 ) .. وهذا هو ( المصدر ) .
* ترتيب الدول العربية حسب المعيشة الراقية – جودة الحياة – ( الإمارات هي الأفضل ) : وهذا هو ( المصدر ) .
* تصنيف دول العالم في العلم والإبتكار ( عربياً الإمارات في التصنيف الثاني ) ( السعودية لم تدخل التصنيف أصلاً ) .. وهذا هو ( المصدر ) .
* قائمة تصنيف دول العالم من حيث الإبداع الدولي ( الإمارات 14 عالمياً ) ، ( السعودية لم تدخل التصنيف أساسا ) .. وهذا هو ( المصدر ) .
أعتقد أن المقارنة واضحة أمامكم ، وليست بحاجة إلى تعليق ، فتقدم الأمم أو نجاحها ، لا تعتمد على حماسة جوفاء أو منظور ضيق للأمور ، والله حتى عندما بحثت على الدستورين ، وجدت فرق ، فالدستور الإماراتي موجود في موقع محترم ،وخطة واضحة، وأما الدستور السعودي ، فوجدته بصعوبة شديدة ، كأنه ليس له أي قيمة ، ولا ولكن قبل أن ننهي هذه التدوينة ، لنلقي نظرة بسيطة على المثال الثاني في دول ( الشريعة هي المصدر الوحيد ) ، وهي دولة ( إيران ) ، لنلقي نظرة جميعاً على الدستور الإيراني .. :
هذا هو أسوأ الأمثلة ، والتي نخشاها جميعاً في الدولة الليبية الجديدة … أن يقع الشعب في الفخ كما وقع فيه للأسف الشعب الإيراني :: أنظروا إلى الفقرة الأولى وماذا تقول :
نظام الحكم في إيران هو الجمهورية الإسلامية التي صوت عليها الشعب الإيراني بالإيجاب بأكثرية ، 98% ممن كان لهم حق التصويت ، خلال الاستفتاء العام الذي جرى في العاشر و الحادي عشر من شهر (فروردين) سنة الف و ثلاثمئة و ثمان و خمسين (1358)هجرية شمسية ، الموافق للأول و الثاني من جمادي الأولى سنة ألف و ثلاثمئة و تسع و تسعين (1399) هجرية قمرية .
و لقد شارك الشعب في هذا الاستفتاء العام انطلاقا ً من إيمانه الأصيل بحكومة القرآن العادلة الحقة ، و ذلك بعد ثورته الإسلامية المظفرة بقيادة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى الإمام الخميني (قدس سره) .
وحتى هذا الوقت ، ما زال الشعب الإيراني مقموعاً ومقيد الحريات ، ولا يستطيع التكلم على الباطل ، ولا تصحيحه ، رغم ثورته الإسلامية المظفرة ، وأصبح المرجع الديني الكبير الإمام الخميني هو المتحكم في كل شيء ، ولا يمكن لأحد معارضته ، لأن أي معارضة تهمتها التكفير مباشرة ..
كلمة أخيرة : أيها الليبيون ، إن إسلامنا وسلوكنا الحضاري لابد أن ينبع من داخلنا ، ولم يكن أبداً الإكراه والحكم بإسم الدين هو الحل ، لذا ، فلنضرب نموذجاً لدولتنا الإسلامية الوسطية المتحضرة ، ولنصبح بالفعل خير أمة أخرجت للناس ، نعيش بخيرات بلادنا ، ونؤسس لدولة يحترمها العالم أجمع قوامها الاخلاق والعلم والمعرفة ، ولا نجعل أحد يستغلنا بإسم الدين ، ويعاملنا كالقصر يملي علينا فهمه الخاص لأمور ديننا ودنيانا ، وكما قال الله تعالى : ( وأمرهم شورى بينهم ) ، صدق الله العظيم .