الآن وبشكل عاجل .. على الإخوان المسلمين تصحيح بعض المفاهيم وإتخاذ بعض الإجراءات التصحيحية لإنقاذ الوطن من الهجوم الظلامي المتخلف ، ومحاولة إعادة ليبيا إلى حظيرة الماضي وبقاءها متخلفة حضارياً .. الآن على حركة الإخوان المسلمين التحلّي بروح التضحية وحب ليبيا من أجل الإتحاد من أجل مشروع وطني نهضوي واحد نقف كلّنا ورائه ، ولذلك على الإخوان المسلمين القيام بشيئين مهمين :

1 – حل جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا ، وإنضواء جميع أفرادها إلى حزبهم ( حزب العدالة والبناء ) .. أسوة بما فعلت ( جبهة إنقاذ ليبيا ) .. وذلك لطمئنت الشعب الليبي من التنظيمات السرية ، حتى لو كانت جماعة الإخوان نواياها حسنة ، والتأكيد مجدداً على عدم التبعية للحركة الإخوانية في مصر ، وأنها ذات مشروع وطني بحث ..

2- إبراز قيادات الإخوان المتنورة ذو الفكر النهضوي والصورة المدنية .. مثل النايض وبو شاقور وغيرهم العديد من القيادات المتميزة التي يفخر بهم الوطن قبل الإخوان .. وإبعاد جميع أصحاب الفكر المتشدد وأصحاب المليشيات كآل الصلابي وغيرهم .. التخلي عن جميع الكتائب المسلحة .. والتأكيد على مبدأ مدنية الحزب .

لو أستطاع الإخوان تحقيق هاذين التصحيحين .. سأكون أول شخص ينظم لحزب العدالة والبناء لأني أعرف أن الفكرة النبيلة التي تؤرق الإخوان هو حضارة إسلامية كحضارة الأندلس في قديم الزمان .. وحلمنا جميعاً صدقوني هو النهضة .. لابد للجميع الآن أن يتحد وفق رؤية واحدة .. وضد الفكر المتخلف الذي بدأ ينتشر الآن ويفرض علينا التبعية ومكانك سر .. لكن تشتت القوى والصراعات ، هو من سيجعلنا لقمة سائغة لأي فكر أو أطماع ..

كثير من نشطاء الإنترنت في ليبيا ، والناس بشكل عام  يؤمنون بأن أي جهة حالياً لا تستطيع إغلاق أي مواقع فكرية أو سياسية أو إجتماعية كالفيس بوك مثلاً ، وإن الموضوع مقتصر عن المواقع الإباحية ، وسينتهي عند ذلك ، وأنا معهم حقيقة في هذا الرأي ، لكن الذي لا يعرفه الأغلبية أن الخطر لا يمكن هنا ، الخطر يمكن أن الحدث في حدّ ذاته هو بالفعل بالونة إختبار أطلقها من فعل هذه الفعلة لقياس ردّة فعل الناس ، وبالفعل هو مؤشّر نستطيع أن نقرأ منه جميعاً ما يمكن تمريره للناس ، أو منعه ، في حال أستطعنا تحويل هذا الشيء لشيء ” غير مرغوب فيه ” ، أما المؤشر الثاني في رأيي فهو مدى تنظيم نشطاء الإنترنت على ليبيا ، هل في مقدورهم فعل شيء حقاً ، أم أننا نبالغ في الخوف منهم .

5% فقط من يستخدم الإنترنت بشكل جدّي في ليبيا كلها ، والتلفزيون أشد تأثيراً بمراحل، وإن تمّ منع 1000 موقع فلا أعتقد أن الشعب الليبي سيلاحظ أصلاً ، ولكن في نفس الوقت هؤلاء الخمسة في المئة هم من يصنعون الحدث حقيقة ، وهم من ينقلونه لبقية الناس والتلفزيونات، وكل المصادر الإخبارية ، هذه حقيقة كذلك يجب عدم تجاهلها ، بعض النشطاء يتبنون فكرة ، فليقفلوا ما يشاؤون ، يوجد البروكسي ، وهي فكرة خاطئة ، لاحظوا أننا كنّا نستطيع أن نفتح ما نشاء في عهد الطاغية كذلك ، ولكن المواقع المحجوبة كانت لها رهبة شديدة ، وأغلب الشعب كان يتجنبّها ، ربّما أنت كأقلية مثقفة ستتحداهم وتفتح ، ولكن شعور الخوف عندما يتسلّل إلى العامة فأنه يميت ما ضحينا من أجله . الشجاعة .

صدقني لن أحدّثك عن الحرية ، ولن أقول لك حريّة الإختيار ، والوصاية على العقول ، وعدم الوصاية على الفكر ، لن أقول لك كلّ هذا ، بالتأكيد العديد من المدونين الذين سيشاركونني الكتابة في هذا اليوم سيتكلمون حول هذه المواضيع ، ولكني سأسألك سؤالاً واحداً فقط ، بنفس المنطق ، لماذا لم يتم منع التدخين مع أنه حرام شرعاً ..؟؟!! الجواب ببساطة لأن القوانين للأسف على مرّ التاريخ لا تطبّق إلا على الأقلية الصامتة ..

اليوم سأصمت، وستصمتون جميعاً ،  لأننا أقلية صامة ، لكنيّ كما قلت لكم ، من سيصمت مرّة ، سيصمت كلّ مرة، ويتحوّل إلى مجرّد أنعام ، يرى فتاة يتم سحلها وتقطيع ملابسها ، فيقول معلقاً ، هي إيه اللي نزّلها من البيت ، بل إنني أخشى الأسوأ ، أن نصمت أربعين سنة أخرى ، فقد فعلناها مرّة .. أليس كذلك ..!!

كثر اللغط في المدة الماضية حول الدستور الليبي ، وأهم هذا اللغط كان هو مصدر التشريع ، وكان سبب هذا اللغط هو أن بيان منسوب لهيئة كبار العلماء في ليبيا قد أعترض على فقرة -والشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع – ، وطالبوا بأن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع ، ( هنا تجد البيان ) وطالبوا بأن تكون هذه الفقرة غير قابلة للتعديل ، وللأبد ، ورغم أن الشعب الليبي شعب مسلم بالكامل ، وإسلامه معتدل ، إلا أن بعض التيارات تصر على أن ( الشعب الليبي ) هو شعب قاصر لا يفهم إسلامه بشكل صحيح ، ولابد من تقويمه ، وهي بذلك تحاول تمرير ديكتاتورية جديدة ( سلاحها هذه المرة الدين ) لكي تحكم من خلاله ، وتصبح قبضة الدولة في قلة متسترة بالدين ، بل وتصبح أي معارضة للدولة ( كفر ) تخرج على أثره من الملة ، وقد وضحت المدونة ( هناء قاباج ) هذا في تدوينتها ( دستور تفصيل وديمقراطية الثيوقراط ) ، ولكن نظراً لدسامة تدوينة هناء سأحاول أن أبسط الموضوع من خلال هذه التدوينة ..

أوكي ، ماذا نريد نحن الليبيون بكل بساطة ، نريد دولة مدنية مسلمة إسلامها وسطي محترمة ومتقدمة ، ويتوافر فيها سبل الرفاهية والنظام والعيش الرغد ، أعتقد أن هذا هو أقصى أمانينا ، و( ما فيش أحسن من هكي ) مثلما يقال ، تمام …. ما رأيكم في النموذج الإماراتي ..؟ ، أعتقد أن الإمارات من أكثر الدول التي يتطلع إليها الليبيين ، ويريدون أن تكون ليبيا مثل دولة الإمارات في الرفاهية وإحترام الإنسان والنظام وما إلى ذلك .. جميل جداً .. لنلقي نظرة على الدستور الإماراتي ::


تمام .. يعني الإمارات مثل دستورنا بالضبط ، فهل تحولت الإمارات إلى دولة علمانية ، هل فرطت الإمارات في عاداتها وتقاليدها ، بالعكس الشعب الإماراتي من أكثر شعوب العالم حفاظاً على تقاليده ، وطيبته ، وكرمه ، ويعتبر قدوة لكل العرب ، وأفضل ما فعلته هو وقوفها في جانبنا ، في محنتنا ، ومناصرة للشعب الليبي ..

طبعاً لا داعي لأن أحدثكم على إنبهاري وأنا أزور الموقع الخاص بمجلس وزراء دولة الإمارات ، موقع رائع ، ودولة بالفعل لها نظرة وهدف ، وهو أن تصبح من أكثر الدول المتقدمة على مستوى العالم .. هل لاحظتم أيقونة ( ملامح أستراتيجية حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة ) على اليسار—-> يمكنكم مطالعة هذه الإستراتيجية الرائعة على هذه الوصلة ( هنا ) .. وهل رأيتم أيقونة ( رؤية الإمارات 2021 ) .. أتمنى أن تكون لليبيا رؤية كذلك للمستقبل ، رؤيا توحدنا جميعاً ولا تنفرق بسبب خلافات تافهة .. لمطالعة رؤية الإمارات 2021 يمكنك الضغط على هذه الوصلة (هنا ) .

باه .. كويس .. لقد ألقينا في السطور الماضية نظرة على دولة عربية مسلمة تحترم عاداتها وتقاليدها كتبت في دستورها ( الشريعة الإسلامية مصدر رئيس للتشريع ) ، لنلقي الآن نظرة على دول يكون مصدر التشريع الوحيد فيه هو الشريعة الإسلامية ، ونرى ، هل الخلل حقاً والمشكلة في الدستور ، وفي هذه الفقرة ، أم الخلل في البشر ، وهل لو غيرنا هذه الفقرة البسيطة سنصبح من أفضل دول العالم ، ومثال يحتدى به للإسلام ، أم أن الحال سيكون كما هو عليه ، إن لم يكن أسوأ ..

الحقيقة أن أشهر دولتين تبنتى هذا التشريع إن لم تكن الوحيدات هم ( السعودية ، وإيران ) .. لننحي إيران الآن جانباً ولنلقي نظرة على السعودية ..

جميل جداً .. لنلقي نظرة هنا …

أعتقد أن الامور واضحة هنا ، وما نبهنا عليه من إستغلال للدين من أجل الحكم التعسفي موجود في المادة 6 ، 7 من الدستور السعودي ، فالحكم يستمد سلطته من كتاب الله وسنته ، وأنت كمواطن عادي لن تستطيع الإعتراض ، لأنه لو أعترضت ، فستعترض على القرآن والسنة ..!! ولكن لنفترض أن كل شيء مكتوب بحسن نية ، ولنلقي نظرة على الأوضاع في المجتمع السعودي ، فماذا سنجد ..

* مشاكل أسرية كثيرة ، وضياع أسري ..

* إنتشار البطالة .. وإنتشار الفساد بين الشباب ..

* منع المرأة من القيادة والخروج وممارسة دورها الطبيعي في المجتمع .

* إستغلال الصلاحيات الإدارية ، وحتى الدينية ، وتهميش حرية الصحافة والتعبير ..

أوكي .. ربما أحدهم يقول لي ، لا يوجد مجتمع لا توجد فيه هذه الظواهر ، وما إلى ذلك ، والإنسان يخطئ ويصيب ، وكل هذه الأمور ، أوك .. ما رأيكم لو نقوم بمقارنة بسيطة بين السعودية والإمارات ، ولنرى أيهما متفوقة على الاخرى ، وأيهما تعتبر النموذج بالنسبة للأخرى ..

* في مؤشر الفساد العالمي ، والدول الأقل فساداً في العالم ( الإمارات تحتل الترتيب 35 عالميا ) ، ( السعودية تحتل الترتيب 80 ) .. وهذا هو ( المصدر ) .

* ترتيب الدول العربية حسب المعيشة الراقية – جودة الحياة – ( الإمارات هي الأفضل ) : وهذا هو ( المصدر ) .

* تصنيف دول العالم في العلم والإبتكار ( عربياً الإمارات في التصنيف الثاني ) ( السعودية لم تدخل التصنيف أصلاً ) .. وهذا هو ( المصدر ) .

* قائمة تصنيف دول العالم من حيث الإبداع الدولي ( الإمارات 14 عالمياً ) ، ( السعودية لم تدخل التصنيف أساسا ) .. وهذا هو ( المصدر ) .

أعتقد أن المقارنة واضحة أمامكم ، وليست بحاجة إلى تعليق ، فتقدم الأمم أو نجاحها ، لا تعتمد على حماسة جوفاء أو منظور ضيق للأمور ، والله حتى عندما بحثت على الدستورين ، وجدت فرق ، فالدستور الإماراتي موجود في موقع محترم ،وخطة واضحة، وأما الدستور السعودي ، فوجدته بصعوبة شديدة ، كأنه ليس له أي قيمة ، ولا ولكن قبل أن ننهي هذه التدوينة ، لنلقي نظرة بسيطة على المثال الثاني في دول ( الشريعة هي المصدر الوحيد ) ، وهي دولة ( إيران ) ، لنلقي نظرة جميعاً على الدستور الإيراني .. :

هذا هو أسوأ الأمثلة ، والتي نخشاها جميعاً في الدولة الليبية الجديدة … أن يقع الشعب في الفخ كما وقع فيه للأسف الشعب الإيراني :: أنظروا إلى الفقرة الأولى وماذا تقول :

نظام الحكم في إيران هو الجمهورية الإسلامية التي صوت عليها الشعب الإيراني بالإيجاب بأكثرية ، 98% ممن كان لهم حق التصويت ، خلال الاستفتاء العام الذي جرى في العاشر و الحادي عشر من شهر (فروردين) سنة الف و ثلاثمئة و ثمان و خمسين (1358)هجرية شمسية ، الموافق للأول و الثاني من جمادي الأولى سنة ألف و ثلاثمئة و تسع و تسعين (1399) هجرية قمرية .

و لقد شارك الشعب في هذا الاستفتاء العام انطلاقا ً من إيمانه الأصيل بحكومة القرآن العادلة الحقة ، و ذلك بعد ثورته الإسلامية المظفرة بقيادة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى الإمام الخميني (قدس سره) .

وحتى هذا الوقت ، ما زال الشعب الإيراني مقموعاً ومقيد الحريات ، ولا يستطيع التكلم على الباطل ، ولا تصحيحه ، رغم ثورته الإسلامية المظفرة ، وأصبح المرجع الديني الكبير الإمام الخميني هو المتحكم في كل شيء ، ولا يمكن لأحد معارضته ، لأن أي معارضة تهمتها التكفير مباشرة ..


كلمة أخيرة : أيها الليبيون ، إن إسلامنا وسلوكنا الحضاري لابد أن ينبع من داخلنا ، ولم يكن أبداً الإكراه والحكم بإسم الدين هو الحل ، لذا ، فلنضرب نموذجاً لدولتنا الإسلامية الوسطية المتحضرة ، ولنصبح بالفعل خير أمة أخرجت للناس ، نعيش بخيرات بلادنا ، ونؤسس لدولة يحترمها العالم أجمع قوامها الاخلاق والعلم والمعرفة ، ولا نجعل أحد يستغلنا بإسم الدين ، ويعاملنا كالقصر يملي علينا فهمه الخاص لأمور ديننا ودنيانا ، وكما قال الله تعالى : ( وأمرهم شورى بينهم ) ، صدق الله العظيم .

أعتقد أن أكثر ” تابو ” بالنسبة لي هو الكتابة على صديقي ” جاد الصاري ” لأنني منذ مدة طويلة وأنا أحاول أن لا أواجه حقيقة أنني قد لا أرى جاد ثانية ، حقيقة أنه ذهب ولن يعود ثانية ، لنفس السبب كنت أتضايق حينما يكتب أحد آخر عنه ، أو يذكره ، لكنه قد جاء اليوم لكي أذكره كأفضل صديق لي خسرته ، جاء اليوم الذي أحكي عنك ، وعن قصتي معك أيها العزيز جاد ..

لا أدري لماذا يصر القدر على إيلامي بك أيها العزيز جاد ، أنت تعرف أنك كنت صديقي لفترة طويلة ، تبادلنا فيها وتشاركنا في العديد من الأفكار والمشاريع ، بل أقول لمن لا يعرف أن لولا جاد لما كانت هذه المدونة أصلاً ، وما كان أحمد البخاري ، لأنني كنت الفائز في مسابقته ” لأننا نهتم ” ، التي أطلقها في ذلك الوقت لتحفيز الشباب الليبي على التدوين ، وبعدها شجعني جاد أكثر ، وضمني في برنامجه ” شباب صوت وصورة ” ، وهو الذي كان طفرة في ليبيا آنذاك بكل معنى الكلمة ، جاد كان كتلة حماسية مشتعلة من أجل ليبيا وشبابها ، وجاد يتميز بشيء جميل جداً ، وهو أنه يحب أن يشاهد الآخريين متفوقين ، يحب أن يشاهد الشباب الليبي مبتكر وعصري وناجح .

نعم ، لقد كنا صديقين ، ولكن شاء القدر أن أقترب بجاد أكثر في بداية الثورة ، أقترب منه بشدة لدرجة أننا أصبحنا صديقين جداً ..، كنت أزوره شبه يومياً في بيته الواقع بجانب جزيرة الفرناج ، وكان يتصل بي دائماً ليسأل عني ونتبادل الأخبار بالألغاز .

لا يمكن تذكر جاد إلاّ أنه كان مناضلاً ضد هذا النظام ورافضاً له ، كان حانقاً جداً بكل معنى الكلمة ، وغاضباً لدرجة البكاء ، كان يخبرني بلكنته المميزة : ” اللعنة ، كيف يسكتون على هذا ” ، كان حانقاً على بعض أصدقائه لوقوفهم موقف ” الحياد ” على أكثر تقدير ، هؤلاء الأصدقاء الآن ” أنضموا مؤخراً للثورة ” ، ولكني لن أغفر لهم أبداً .. ليس لأنهم فعلوا شيء ، بل لأنهم أغضبوا في تلك الفترة جاد العزيز ..

ماذا يمكن أن أقول عن جاد ؟ ، أقول أنه كان من أفضل وأروع وأذكى شباب ليبيا ، الصديق والمدون أحمد بن وفاء تحدث عن بعض نشاطات ومشاريع جاد في تدوينته له ، يمكنكم الإطلاع عليها هنا ، ولكن يكفي أن أقول لكم أن جاد كان في فترة الثورة في صدد إطلاق مشروع أسمه ” أمن لي ” Amin.ly ، كانت فكرة هذا المشروع هو عمل داتا بيز كبيرة للهواتف المحمولة والسيارات وكل المقتنيات الشخصية لتستفيد بها مراكز الشرطة والمحلات في حالة سرقة هذه المقتنيات فلا تشتري المحلات أشياء مسروقة من خلال التأكد من هذه القاعدة ، كما تكون قاعدة معتمد عليها في مراكز الشرطة .

أنا وجاد كنا قد أطلقنا سنة 2010 مشروع بصمة ، وكنا قبل الثورة بأيام معدودة ندرس إمكانية إقامة الحفل الخاص بإطلاق المشروع وتوزيع جوائز ” العشرة الشباب الأكثر تميزاً لسنة 2010 ” ، وكان جاد متحسماً جداً لهذا الحفل الكبير .

هل تذكر تلك الرصاصة يا جاد ، والتي وجدناها معاً في شارع المقريف في بداية الثورة ، وهل تذكر ماذا قلت لك ، قلت لك أحتفظ بها يا صديقي .. لأنها ستكون ذكرى رائعة عندما ننتصر ..

جاد أيها العزيز ، سافرت دون أودعك خوفاً عليك ، لكن آخر شيء ذكرتنا به هو ، أن الدم الليبي خط أحمر ..

فلتكن هذه وصيتك الأخيرة لنا …

أحمد البخاري ..

 

تنتطلق هذه التدوينة من سؤال سألته يوماً لنفسي ، لماذا شرعت صلاة الجمعة ؟ وفي بحث بسيط في جوجل كاشف النوايا وجدت أن سؤالي لا إجابة وافية له ، فقد وجدت مئات الصفحات تتحدث عن فضائل صلاة الجمعة ، ونواهي صلاة الجمعة ، والتحذير الشديد اللهجة من ترك صلاة الجمعة ، ولكن سبب الصلاة نفسها لم أجده ، وحتى التفاسير القليلة التي وجدتها لم تقنعني حول أنها كانت وسيلة من وسائل التبليغ عند المسلمين ، لكن الإجابة كانت ماثلة أمام عيني ، وأنا لم أرها فقط ..!!

فلو عدنا بالزمن إلى أيام الرسول والمسلمين الأوائل ، لوجدنا أن صلاة الجمعة ، ويوم الجمعة بشكل عام كان يوماً مقدساً لدى مجتمع ” المدينة ” المتحضر ، والسبب كما هو واضح ، هو أن صلاة الجمعة كانت تمثل بالنسبة إليهم مناسبة مهمة للإجتماع والتشاور فيما بينهم ، أما خطبة الصلاة ، فما كانت إلا عبارة إذاعة للمسلمين تبث كل ما يتعلق بهم ، وبأحوالهم الشخصية ، وبأمورهم الدنيوية والدينية ، ونستنتج من ذلك أن صلاة الجمعة لم تكن في حقيقة مجتمع ” المدينة ” المتحضر إلاًّ مؤتمراً يعقده المسلمون ليتشاورا في أمور المدينة والحرب وما إلى ذلك .

إذن فإن الفكرة أختلفت .. وصلاة الجمعة الآن ليست كما كانت قديماً .. ولكن ليس هذا هو الشيء الوحيد الذي أختلف ..

ملل .. ملل .. ملل .. عن تجديد الخطاب الديني ..!!

تذهب كل جمعة متثائباً .. متثاقلاً .. إلى صلاة الجمعة ، وأنت تعلم ما ستسمعه في خطبة ، وبل أحياناً تحفظه صماً .. هذا ما يحدث لمعظمنا ، والسبب هو نمطية الخطاب الديني الذي أصبحنا محبوسين فيه منذ عقود ، نفس الكلمات ، ونفس المواعظ ، ونفس القصص ، حتى أنه لم يعد لها أي تأثير ، القلب أعتادها ، وأصبح المصلي يتململ ويكاد ينام في خطبة الجمعة، فمتى نستمع إلى مواضيع جديدة ، وتناول جديد لخطبة الجمعة ..؟؟

أين خطب الرسول ؟؟


بالفعل ، هاجر الرسول من مكة إلي المدينة .. وعاش فيها قرابة 11 عاما متواصلة حتى مات ،  أي قرابة 600 أسبوع .. أي قرابة 600 خطبة جمعة خطبها الرسول من على منبره بالمسجد النبوي، فأين هي خطب الرسول ؟؟ ، هذا يعيدنا إلى الحقيقة الأولى ، فلو كانت خطب الرسول ديباجة ومواعظ لكان الصحابة قد سجلوها ونسخوها ليستفيد منها اللاحقون ، ولكن التاريخ يؤكد أن خطب الرسول كانت قصيرة جداً ، وكانت تحاكي تفاصيل الحياة اليومية فلم يكن هناك داعي للتدوين ، فلماذا يصر خطباء اليوم على إتحافنا بالمعلقات النمطية ، ولماذا يصر الجميع على نقل الخطب وتدوينها وتمجيدها .

 

المسجد النبوي قديماً عام 1857

الإتجاه الخطابي الواحد في خطبة الجمعة ..


كما حدثنا التاريخ ، الخطبة لم تكن في عصر الرسول ، ومن بعده الصحابة خطب جامدة ، بل كانت صلاة الجمعة مؤتمر يجتمع فيه المسلمون وينعقد للتناقش ، والإطلاع على مستجدات الأمور ، وهناك الكثير من الوقائع التي تحكي عن نقاشات حدثت بين الخطيب وبين الجالسين في المسجد ، ووقائع تحكي عن مناقشة قضايا معينة في هذه الخطب .. فلماذا أصبحت خطب اليوم عبارة عن رأي واحد موجه لا يحق لنا النقاش أو الإعتراض عليه ، لماذا أصبح هناك ما يشبه الحرمانية على المصليين مقاطعة الخطيب ولو بشكل منظم ، لماذا أصبحت الخطبة فكرة موجهة لعقول المصليين لا تحتمل النقاش أو التصحيح أو المعارضة ..؟

لماذا الفصل بين الرجال والنساء في صلاة الجمعة ؟


أعتقد أن المسجد النبوي في عصر الرسول لم يكن إلا دور واحد ، ولم يكن دورين كما نشاهد في معظم الجوامع الحالية ، ولو أراد الله فصل الرجال عن النساء لقالها صراحة، أو أمر بها نبيه ، ولكن الله قد وضع ترتيب معين من رجال وأطفال ونساء ، ولو كان هناك صف رجال وصف نساء لصلت النساء وراء الرجال ، وهذا ما كان يحدث في المسجد النبوي ، وهذا ما يحدث إلى الآن في مكة والمدينة أيام الحج ، فما الذي جعلنا نفصل الرجال عن النساء ؟ ولماذا حتى حينما يكون هناك مسجد في دور واحد تكون النساء في مكان مغلق لا يرى ..؟؟

ظاهرة الذعر والكبت الجنسي تلاحقنا حتى في صلاتنا ..!!

بعد أن عدت أنا وصديقي الليبي من صلاة عيد الأضحى التي صليناها في مصر ، ظل صديقي يعاني من إستغراب شديد بل وتهجن من صلاته جوار إمرأة ، (( كيف نصلي جنب مراة )) ، وأنا حقيقة لا ألومه ، ظلت المرأة بالنسبة لنا منذ الصغر هاجس ومثار خوف وحرمانية ، هذا الكبت الجنسي والذعر الموجود في المجتمع ربى داخلنا العديد من العقد التي جعلتنا نرى النساء مثار فتنة وشهوة لا غير ، لذا أصبح وجودها جوارنا في الصلاة مناقضاً للصلاة نفسها ، ففصلناها وعزلناها ، بينما كانت النساء في زمن ” المدينة ” المنورة تشارك في الحياة الدينية والسياسية والإجتماعية.

صلاة العيد في مصر .. النساء والرجال جوار بعض نتيجة لصعوبة تنظيم الصفوف

 

في النهاية ، لم أسأل هذه الأسئلة إلى نفسي ، ولم أثر كل علامات الإستفهام ، إلاّ لأن صلاة الجمعة هو عادة أسبوعية نفعلها كل أسبوع ، فكان لابد لي أن أطرح على نفسي مثل هذه التساؤولات لنفهم ما الذي يجري ، ولماذا  يحدث كل ما يحدث ..

طبعاً لست أدعوا من خلال هذه التدوينة إلى أن يقوم كل الذكور الليبيين بتغيير جنسهم، ونصبح جميعنا ليبيات بالطبع، وإن كانت الفكرة تبدو فكرة مغرية للنقاش، ولكنّي أتحدث هنا، وأقصد بـ ” ليبيات ” هو مسلسل ليبيات للكاتب سراج الهويدي، الذي حقق نجاحاً كبيراً ، وصدى واسع لجرأته ، وطرحه لقضايا كانت تعتبر من المحظورات والممنوعات أن تتكلم عنها في ليبيا ، والحقيقة أن لا أحد – داخلياً – وصل لما وصل إليه طرح سراج هويدي من خلال ليبيات ، إذ تعتبر ليبيات – في وجهة نظري – هو الطرح الأكثر جرأة ، والنقد الأعلى سقفاً إلى الآن، وبينما كنت أفكر في ذلك ، أنتهيت لخاطر ما ، لماذا لا نكون كلنا في مستوى طرح وجرأة سراج وليبيات ..؟!

لدينا العديد من الكتاب، والعديد من الأعمدة، والعديد من المدونات، لكن من النادر أن تجد أحداً وصل إلى تناول هذه القضايا التي تطرح في ليبيات، هناك بعض الصحفيين من وصل لهذا المستوى بالطبع، لكن الأغلبية لا يكادون يقتربون حتى، فالهوة كبيرة بينهم وبين سراج .

أما المدونات فحدث ولا حرج، فلا وجود تقريباً لأي مدونة ليبية تناقش قضايا حساسة بشكل معتدل، فهي إما مدونات تتصرف كأنها تعيش في بلاد الواق واق ، وإما أنها مدونات ملأ بالسباب والقذف والكلام المشين ضد الجميع، وأنا طبعاً لست ضد المدونات التقنية والشخصية ومدونات الطيران والطبخ والسيارات، ولكن هل بالفعل عجزنا عن تدوين قضايا حساسة بطرح موضوعي يحتمل العديد من وجهات النظر دون سباب أو قذف، هل خلت البلاد من المشاكل والظواهر والسرقات التي لا يمكننا التدوين عنها، لماذا فعلها سراج بينما بقينا نحن نتفرج على مسلسل ليبيات، ونضحك ونتألم ونقول، ” والله إلا مزبوط ويصير ” ..؟!

دعونا نضع النقاط على الحروف للمرة الأخيرة ، في كل دول العالم أصبح للمدونين دور وثقل وكيان يؤثر في مجتمعه وبلده، ويشاركه أفراحه وأحزانه، إلا هنا في ليبيا، لم يوجد هذا الكيان بعد، ولم تتواجد كتلة مدونتية تكتب بإحترام وبإعتدال وبعقلية تحترم القارئ، بحيث لا تغيبه، ولا تطلب منه المستحيل في نفس الوقت، وللأسف، ما زالت مدوناتنا ومدونينا، منفصلون تماماً على مجتمعنا .

ما زلنا نسب بعضنا، ونكيل الشتائم لبعضنا، ونحارب بعضنا في هذا المجتمع التدويني، والأجدر بنا أن نتكاثف جميعاً، ونكتب في إتجاه واحد، وبنفس واحد، لنحاول أن نصنع التأثير اللازم من أجل بلدنا ليبيا .

بعد إختفاء قرابة سنة كاملة عن التدوين ، ها أنا أعود من جديد لأستكمل كتاباتي في طرح المزيد من التابوهات والقضايا ..

مواضيع جديدة ، وتدوينات جديدة ، وطرح جديد ، وهذه المرة آمل أن أستمر أكثر من الأصدار الأول ، إذن ، فلينطلق الإصدار الثاني دون هوادة ..

 

 

في خبر أو ـ شائعة ـ يتم تداولها عبر الإنترنت في الآونة الأخيرة ، تقول بأن مصرف ليبيا المركزي يستعد لإطلاق ورقة نقدية بفئة ( 100 دينار ليبي ) ، وسيكون هذه الورقة عليها صورة السيد سيف الإسلام القذافي ، كما يعتزم مصرف ليبيا المركزي بتثبيت سعر الدولار الأمريكي بقيمة 30 قرشاً للدولار الواحد ، ( كهدية من سيف الإسلام للشعب الليبي ) ، أي أن ليبيا ستصبح في الترتيب الأول في العالم بالنسبة لقوة عملتها نسبة للدولار الأمريكي ، متجاوزة بذلك كل الدول المتقدمة ودول الخليج وخاصة الدينار الكويتي .

 

السؤال هنا ليس في صحة الخبر من عدمه ..السؤال هنا ..

 

ماذا لو أصبح الليبيون ” أغنياء ” فجأة ..!! ، وكيف سيتصرفون …؟!!

 

* هل سيقومون بتأسيس مشاريع حيوية ، وتكنولوجية ، وتقنية ، وتسخير أفكارهم وطاقاتهم في مجالات التقدم ، أم سيقومون بشراء السيارات الفارهة والقصور الشاهقة ، والملابس والإكسسوارات الباهظة الثمن ..؟!!

 

* هل سيقومون بالخروج من البلد ، والسفر أخيراً ، ورؤية العالم ، وزيارة المتاحف ، والأماكن الأثرية ، وحضور الندوات ، والنقاشات العلمية ، أم سيسافرون لأجل مواخير أوروبا ، وعاهراتها ، وديسكوات أمريكا ، ويبدلون تونس بفرنسا ، وبريطانيا ، واليونان ..؟!

 

* هل ستركبهم ( الأنفة والغرور ) ، ويصبحون يتعاملون مع العالم بكل حقارة ، فيحتقرون المصري والتونسي والخليجي .. ( على أساس مش محتقرينهم توا ) ،، وهل سيأتون بالخدم الأفارقة .. والخادمات الآسيويات .. هل سنتحرش ونضرب ونغتصب كما يفعل الآخرون الآن .. أم سنعامل مع الجميع برحمة .. ويعم خيرنا عليهم .

 

* هل سنضيع أموالنا ، وثرواتنا كما تفعل بعض البلدان الخليجية في كل ما هو سطحي وتافه وغير متحضر ، أم سنبني بأموالنا أبراج وشركات ، وقرى للتقنية والعلوم والتكنلوجيا ، كما تفعل بعض الدول الخليجية أيضاً ..

 

* هل سنبدع في الفن ، والمسرح ، والسينما ، ويخرج كل ليبي طاقاته ومواهبه التي كانت تنقصها رؤوس الأموال ، أم أن الجميع سيتخلى عن أفكاره ، وأحلامه متفرغاً للعربدة ، وتضييع الوقت ، والإستمتاع بالحياة ..!!

 

 

 

 

 

هل تعتقدون أننا سنصبح مثار إعجاب العالم … أم مثار سخرية العالم ..؟؟!!


تدوينة اليوم تدوينة شائكة ، ومعقدة ، وتحتاج بالفعل سعة صدر ، ووقفة تأمل مع أنفسنا ، لأننا بالفعل أمام ظاهرة قد لا تبدو جلية أو واضحة إن لم نلاحظها ، ولكنها إن دققنا في حياتنا ، فسنجد أنها تبدو مميزة ، وواضحة إلى حد بعيد ..

ولكي تكون الأمور أكثر وضوحاً ، فسأحاول أن أختصر قدر الإمكان ، مع التركيز على النقاط الأكثر وضوحاً وحدة ، والحقيقة أننا كمسلمين ، أمام ظاهرتين خطيرتين ، كل منهما عكس الأخرى تماماً ، وإن كانتا متصلتين ببعضهما تمام الإتصال ..

الظاهرة الأولى : وهي ظاهرة تحفيظ القرآن ، وليس فهمه ، ورغم كون أننا البلد المشهورة بكثرة حفاظ القرآن ، يقال أننا بلد المليون حافظ ، إلا أننا في نفس الوقت لا نفقه شيئاً في هذا القرآن ، ولم نحاول أن نفهمه ، وهذا ما تدل عليه سلوكياتنا على الأقل في الشارع ، لقد أصبحنا كالحمار الذي يحمل أسفاراً على ظهره ، أصبحنا نلقن القرآن تلقيناً ، ولم نحاول أن نفهم ما بداخله ، أو نمتثل لما يدعو أبداً .

الظاهرة الثانية : الظاهرة الثانية هي إنتشار ثقافة تداول الأحاديث ، وإعتبارها المرجع الأساسي لديننا ، فرغم كوننا متدينون تدين سطحي يعتمد على فتاوي التلفاز ، أو البحث عن الإنترنت ، إلا أننا أصبحنا نتداول الأحاديث بكثرة ، مهملين في الوقت نفسه النص الأصلي والمرجع الأول للإسلام ، وهو القرآن ، فنجد الأحاديث يتم تداولها على الإنترنت والفيس البوك .. وتبنى عليها الأحكام والفتاوى ، والحلال والحرام ، بينما لا تداول ولا فهم للقرآن أبداً .

ولكن ماهي النتائج والمخاطر التي تنتج على هاتين الظاهرتين :
1 ـ هناك العديد من النتائج والمخاطر ، ولكن النتيجة الأخطر برأيي ، هو الإبتعاد عن جوهر الدين الحقيقي ، والذي هو القرآن الكريم ، كتاب الإسلام الأول ، وكلام الله ، أي الإبتعاد من الأساسيات والإقتراب من الفروع ، ففي القرآن تبرز المعاني العميقة لرسالة الإسلام الإنسانية ، فالقرآن يعالج المثل السامية ، كالعدل ، والديمقراطية ، والتسامح ، والمساواة ، بينما الأحاديث تركز على نمط الحياة في معظمها ، وهذا ما جعل تدينا مجرد تدين سطحي وشكلي ، فقد ركزنا على المعاملات واللباس وما إلى ذلك ، ونسينا القيم الجوهرية التي نادى بها الإسلام .

أيضاً القرآن الكريم كلام من الله ، وقد تعهد الله بحفظه إلى نهاية الأزل ، بينما الأحاديث فهي قابلة لأن تكون خاطئة أو محرفة أو قد تم تأليفها ، وربما هذا ما جعل الرسول دائماً يشدد على عدم تدوين أحاديثه مخافة التزوير فعن رواية مسلم و غيره قال الرسول: ” لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن، فمن كتب عني غير القرآن فليمحه”، مانعا كتابة الأحاديث ، وهذا ما أكده الصحابة في عدم ذكرهم الأحاديث إلا نادراً ، فلم يتم كتابة الأحاديث إلا مع بداية العصر العباسي ، أيضاً هناك شواهد كثيرة في التاريخ الإسلامي تؤكد حدوث ما كان يخشاه النبي ، كحادثة  عبد الكريم بن أبي العوجاء ، الذي قال عندما وضع السيف على عنقه سنة 155 هـ،: “والله لقد وضعت أربعة آلاف حديث حللت فيها الحرام و حرمت فيها الحلال ” . فكيف تركنا كلام تعهد الله بحفظه ، وبدأنا نركز ونأخد بكلام يقبل الزيادة والنقصان .

3 ـ نتيجة أخرى خطيرة هي أننا مع تركنا كتاب الله ، وعدم محاولة فهمه وتداوله ووضعه كمرجع أساسي لنا كمسلمين ، وبداية تداولنا للأحاديث ، وإعتمادها كنصوص تحرك حياتنا ، فذلك فيه نوع من مخادعة النفس ، والضحك عليها ، فعدد الأحاديث على أقل تقدير هي 100 ألف حديث (100.000 ح) .. فهل نحن نطبق كل هذا العدد ، أم اننا نطبق ونتداول ما هو في مصالحنا فقط ، وأفظع مثال هو أننا نجلد المرأة دائماً بأحاديث كثيرة ، في حين أننا لا نطبق أبسط الأحاديث كحديث عدم الإكثار في حشو المعدة بالطعام ( ثلثها طعام . وثلثها ماء . وثلثها هواء ) . فأصبح الدين يسير على أمزجتنا .

ولكن ما هو تفسير هذه الظاهرة ..؟؟ في رأيي هناك العديد من التفاسير ::

القيم الإنسانية الكبيرة كالعدالة والديمقراطية وعدم الظلم ، والإيثار والتخلص من الأنانية هي قيم صعبة التحقيق ، في حين أن اللباس والتصرف وإعفاء اللحية هي قيم سهلة التطبيق ، لذا أختار المسلم سهولة الفروع عندما عجز في ظل مشكلة تربوية حقيقية في غرز القيم الإنسانية الأساسية التي نادى بها الإسلام .

تعاظم الرمز وتضخمه على مدى السنوات ، وبسبب هزيمتنا أمام العالم فلم نجد إلا النبي محمد رسول الإسلام ، لنقوم بتأليهه ، بإعتبار الله شيء مشترك للعديد من الأمم ، لذا نجدنا لا نتورع في سب الله ، ودين الله يومياً ، ولكننا نخرج بأعداد غفيرة لو سب الرسول مرة واحدة .

سهولة تسيير الدين كما قلنا من قبل جماعات أو أشخاص ، أو دول بعينها ، وهو ما تم بالفعل في العصر العباسي والأموي .
في النهاية : ليس الغرض من هذه التدوينة هو الطعن في أحاديث وأقوال رسول الله ، أو تكذيبها ، ولكنها دعوة للعودة للأصول ، والجذور الحقيقية للتعاليم الإسلامية ، ووضع كل شيء في مكانه الأساسي ، وبحجمه الفعلي ، فإنني أخشى أن نبؤة عمر بن الخطاب قد تحققت ، فقد أراد عمر بن الخطاب أن يكتب السنن النبوية ، فطفق عمر يستخير الله شهرا، ثم أصبح يوما فقال: ” إني كنت أريد أن اكتب السنن، و إني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتبا فأكبُّوا عليها و تركوا كتاب الله، و إني و الله لا أشوب كتاب الله أبدا “.